من رأي الجنة و لم يرد دخولها , فأن رؤياه بشارة له بخير عملة أو يهم بعملة .
وهذه رؤيا منصف غير ظالم ,وقيل :من رأي الجنة عياناً: نال ما اشتهي وكشف عنه همه , فإن رأي كأنة يريد أن يدخلها فمنع , فإنة يصير محصراً عن الحج والجهاد بعد أن يهم بهما, أو يمنع من التوبة من ذنب هو علية مصر يريد أن يتوب منه , فإن رأي أن باباً من ابوبا الجنة أغلق عنة ,مات أحد أبوية إن رأي أن بابين أغلقا عنه مات أبواه ,فإن رأي كأنة جميع أبوابها تغلق عنة ولا تفتح له,فإن ابويه ساخطان علية ,فإن رأي كأنة دخلها من اي باب فإنهما راضيان عنة ,
فإن رأي كأنة دخلها ,نال سرورا وأمناً في الدارين ,لقولة تعالي {{ ٱدْخُلُوهَا بِسَلَٰمٍ ءَامِنِينَ }} فإن رأي كأنة أدخل الجنة فقد قرب أجلة وموتة .
وقيل:
إن صاحب الرؤيا يتعظ ويتوب عن الذنوب علي يد من أدخله الجنة إن كان يعرفه
وقيل:
من رأي دخوله الجنة نال مراده بعد احتمال المشقة ,لأن محفوفة بالمكاره ,وقيل:إن صاحب هذه الرؤيا يصاحب أقواماً كباراً كراماًويحسن معاشرة الناس ,ويقيم فرائض اللة تعالي ,فأن رأي كأنة يقال لة :
أدخل الجنة فلا يدخلها , دل علي ترك الدين , لقولة تعالي :
{وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}
.فأن رأي انة قيل له :إنك تدخل الجنة .
فإنة ينال ميراثا لقوقة تعالي {تِلْكُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا }
فأن رأي الفردوس الاعلي ,نال هدايا وعلماً.
فإن رأي كأنة متبسماً ودخلها ,فإنة يذكر اللة كثيرا ،فإن رأي كأنة سل سيفا ودخلها فأنة يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر وينال نعمة وثناء وثواياً.
فإن رأي كأنة جالس تحت شجرة طوبي ,فإنة ينال خير الدارين ،لقوقة تعالي : {طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مئَابٍ}
فأنة رأي كأنه في رياضها ,رزق الإخلاص وكمال الدين ,فإن رأي كأنة أكل من ثمرها ,رزق علماًبقدر ما أكل وكذلك إن رأي أنة شرب من مائها وخمرها ولبنها نال حكمة وعلما وغني .
فإن رأي كأنة متكئ علي فراشها دل علي عفة لامرأتة وصلاحها فإن كان لا يدري متي دخلها
دام عزه و نعينه في الطنيا ما عاش , فغن رأي كأنة منع ثمار الجنة , دل علي فساد دينة لقوله تعالي :
{ من يشرك باللة فقد حرم اللة علية الجنة }
.
فإن رأي كأنه التقط ثمار الجنة واطعمها غيره,فإنة يفيد غيره علماً وينتفع به,ولا يستعمله هو ,ولا ينتفع به , فإن رأي كأنه طرح الجنة في النار فإنه يبيع بستانً،ويأكل ثمنة .
قلا هشام بن حسان :حدثتني أم عبد اللة ,وكانت من خيار نساء أهل البصرة
قالت:
رأيت في منامي كأني دخلت داراً حسنة,ثم دخلت بستاناً فرايت من حسنه ما شاء اللة , فإذا أنا برجل متكئ علي سرير من ذهب , وحوله وصائف(1) ,بأيديهم الأكواب ,قالت : فإنني متجبة من حسن ما أري , إذا أتي برجل فقيل : من هذا ؟قال :هذا مروان المحملي أقبل ,فاستوي علي سريره جالساً,قالت:فأستيقظت من منامي ,فأذا بجنازة مروان المحملي قد مرت علي تلمك الساعة .
فأن رأي انة دخل الجنة فهو يدخلها ,ان شاء اللة تعالي , وذلم بشارة لة بها لما قدم لنفسه أو يقدمة من خير .
فإن رأي انه اصاب من ثمارها أو أكلها أو أعطاها غيرة ,فأن ثمار الجنة أعمال البر و الخير,فهو ينال من البر و الخير بقدر ذلك ،فإن أصابها ولم يأكل منها شيئاً أو لم يصل لمأكلها. فهو يصيب العلم والخير في دينة ,ولا ينتفع به , فإن أعطاها غيره , نفع بعلمه غيره ,وأما رياضها وبناؤها فهي بعينها كهيئتها ,وأما نسا}ها فهي أمور من أعمال البر علي قدر جمالهن.
فإن رأي أنه كان في الجنة مقيماً فيها لا يدري متي دخلها , فهو لا يزال منعماً له مفضلاً عزيزاً مصنوعاً في أموره مدفوعاً عنه المكاره حتي يخرج منها الي خي إن شاء اللة .
وأما لباس الجنة لمن لبسها أو أشتراها أو خاضها أو بطنها , فإن كان فقيراً استغتني لأنها تدفع البرد الدال علي الفقر ،وإن لاق به السلطان ناله ، وان كان وجهاً وله بطانة وداخله أموال قارة , وهي القطن الداخل فيها ’كالكنز والمال في بيت المال ,والخيوط عهود ومواثيقه وبيعته ,وإن كان عزباً تزوج ,وكان وجهها نفسه , وبطانتها زوجه ,والقطن مهرها ,والخيوط عهوداً أو عصمة ,إن خاطها ولم يلبسها زوج ابنتة ,أو عقد نكاحها لغيره ,أو جمع بين زوجين متفرقين ,سيما إن كانت قديمة قد طواها ,وكل ذلك ما كان في ايام الشتاء في إبان لبسها و أما لبسها في الصيف فغمة من زوجة أو مرض أو حبس أو ضيق أو كرب من أجل المرأة فإن كان من أهل الحرب لبس
لأمته (2) وتلقي عدوه في سعير الحرب.
--------------------------------------------------------------
(1)وصائف:الخدم.
(2)الأمه: هي الدرع .
-----------------------------------------------------
المصدر كتاب ابن سيرين لتفسير الاحلام من ص 98الي ص100